يقول : وكان عمر بن الخطّاب يشرب الصّلب (أي النّبيذ الشّديد) ، ويقول : يقطع هذا اللّحم ما في بطوننا (يقصد بذلك لحم الإبل) .
وقال الشّعبيّ : شرب أعرابيّ من إداوة خمر،فحدّه عمر للسّكر لا للشّرب.ودخل عمر على قوم يشربون ،فقال : نهيتكم عن معاقرة الشّراب فعاقرتم ،وهمّ بتأديبهم ،فقالوا : مهلا يا أمير المؤمنين ،نهاك اللّه عن التّجسّس فتجسّست ،ونهاك عن الدّخول بغير إذن فدخلتَ ،فانصرف وهو يقول : كلّ النّاس أفقه منك يا عمر !
يقول القيروانيّ : وإنّما نهاهم عن المعاقرة وإدمان الشّراب حتّى يسكروا ، ولم ينههم عن الشّرب.
وكان سفيان الثّوريّ يشرب النّبيذ الصّلب الذي تحمرّ منه وجنتاه ، واحتجّ أيضا كما احتجّ غيره بحديث عليّ بن أبي طالب : إنّ القوم يجلسون على الشّراب وهو حلال فلا يزالون حتّى يكون عليهم حراما.
ورُوي عن عثمان بن أبي العاص أنّ عمر (رض) لمّا فطر قال : أعندكم من شرابكم شيء ؟ قالوا : نعم ،فأتوه به ،فشمّه فسطع في خياشيمه فكسره بالماء وشربه.
وروي عن عمرو بن ميمون أنّ عمر قال : إنّا لنشرب من النّبيذ الشّديد ليقطع لحوم الإبل في بطوننا ،قال : وشربتُ ممّا عُمل له فكان نبيذا شديدا.
وكتب يعلى بن أميّة إلى عمر (رض) : إنّا نؤتى بقوم شربوا الشّراب ،فكتب إليه : من أُتيت به فاستقرئه أمّ الكتاب وألق رداءه وأردية أخرى ،فإن لم يعرف رداءه فأقم عليه الحدّ.
ورُوي عن عبد الرّحمان بن أبي ليلى عن أبيه قال : تعشّيتُ عند عليّ (رض) فسقاني طِلاء فلمّا قمت لأخرج كان الطّريق يمنة فأخذت يسرة ، فدعاني عليّ فقال : لعلّ شرابنا أخذ برأسك . يا جارية خذي معه قبسا.
وروي عن الحسن بن عليّ أنّ رجلا سأله عن النّبيذ ، قال : اشربه فإن خفت أن تسكر فدعه !
...يتبع...