09‏/10‏/2008

مظفّـر النّـوّاب : شاعـرا ومنـاضلا



الجـزء 6

التّمـازج بين الشّعر والحياة

الخمـرة

إنّ علاقة مظفّر بالخمرة لتحيل حقّا على أساطين الخمريّين العرب من كبار شعراء العصر الذّهبيّ للحضارة العربيّة ... أولئك الذين اتّخذوا من التّغنّي بالخمرة انتصارا للحياة خارج "السّياج الدّغمائيّ المغلق" بتعبير أركون ، وانتسابا للمهمّشين من الموالي والفقراء الذين جرحوا دولة الخراج وجرحتهم ، والذين قفزوا فوق هذا السّياج بفعل ثقافيّة عالية تمكّنوا من أدواتها نتيجة التّزاوج بين مدارس متنوّعة أثرت بحقّ مجتمعا قبل في الأخير حقيقة وجودها.
وتمتدّ علاقة مظفّر النّوّاب بالخمرة على ثلاث مستويات :
1 ـ الخمرة كملجإ مؤلم للاغتراب :
يقول في قصيدة "البقاع" :
" تستـدين مـن الصّحـبِ جـرعةَ خمـرٍ
وتـذكرةً ثُقِبـتْ مـرّتيْن ورقعـةَ ودّ
كأنّـكَ صنـدوقُ جمـعِ الإعانـاتِ للحـزن !"
ويقول عن نفسه :
" ثَمِـلٌ
ليس عيـبٌ على ثمـلٍ بالسّـلاحِ
فـإنّ العـراقَ قـديمٌ بهـذا الغـرام !"

إنّ الخمر في علاقتها بالغربة ليست هروبا تماما بل فرصة للذّكريات أيضا وشوق للعراق :
" يـا ربُّ لـم يبـق في العمـرِ شـيءٌ
سوى ساعتيْـن صبـاحًا على دجلـةٍ والعـراقُ معـافًى "
وتغنّ بالفدائيّ:
" سيّـدي كامـدَ اللّـوزِ
علّـمْ جيـوشًـا تقـاتلنا في الشّـوارع
أنْ تتخلّـقَ خلـقَ الـرّجالِ وليـس الضّبـاعْ،،،
سيّـدي كامـدَ اللّـوز
خُـذْ من غنائي الذي يمسح البندقيّة
واتـركْ حـروبَ الـدّمـوعِ
فهـنّ العـراقُ ينـوح بنـا في اللّقـاءِ
ينـوح بنا في الـوداعْ،،،"
وفي قصيدة "بحّار البحّارين" يقول :
" يـأخـذكَ الجـوّ
وترفع إبـريق الخمـرةِ في الهـمّ شـراعًـا
!"
...يتبع...