13‏/04‏/2009

محمّـد الطّـويل : لـواء الشّعـر الخفّـاق (2)


فـوجئنـا بـه متّكـئا علـى الجـدار الخـارجيّ للـ"حـوش" ينظـر إلـى المـارّة في الطّـريق ، أو هكـذا خيّـل إلينـا...

سلّمنـا بحـرارة ، وانتسبنـا ، فتهلّلت أسـارير وجهـه ، واستقـام جالسـا :

ـ أتعـرفـان أنّ الشّعـر "جـاءنـي" مـن جـدّكما ؟ فـأسرتي "الطّـوال" لـم تنجب شاعـرا قبلـي !

بـدأنا نحـاول النّفـاذ إلى عمقـه ببعض الأسئلـة...كـان الـرّجل بحـرا من الكـلام الطّلق...مسهبـا في الحـديث عن القبيلة وأفخـاذها وبطـونها ، فهو نسّـابة مقتـدر...

سـألتـه : مـا الشّعـر ؟

أجـاب مستشهـدا ببيتيْن من قصيـدة لـه شهيـرة :

مَعْنَـى وقـافيـهْ وشـارحْ وبَـزْ

وشاعـرْ بَحَـرْ في معنـى الـرّموز

ستـلاحظون مثلي أنّ رؤيـة "الطّويل" للشّعـر كمفهـوم تتقـاطع في جـزء منهـا مـع المسّلمـات التّقليـديّة...إنّما تتجـاوزه في جانب آخـر عنـد اعتبـاره الـرّمز إحـدى قـواعد الشّعـر...

تحـدّث ، كـأنّما إلـى نفسه ، عـن الوزن الشّعـريّ ، وكيف أنّ البعض من الشّعـراء المعـروفين يسقط وزنـه دون أن ينتبه لـذلك أحـد...سـألنـاه عـن سبب شهـرة قصـائده ، وإعجاب النّاس بها...فـردّ الأمـر إلى اعتمـاده أكثـر من إيقاع وأكثـر من نـوع في القصيـد الـواحد ، مثلمـا فعل في "قسيمه" الـرّائع :

أحّيـت روحي فـدّتْ والـراسْ راح شِيـبْ

ويـا صاحبـي نحكيلـكْ ببّـاهِـر البـدوعْ

حيـث يتخلّص "الطّويل" من هـذا الوزن ليبلـغ حـدود الإيقـاع الـرّاقص :

يـا جـدودي لثنِيـنْ

إِلّيِيمـتْ نـرعيكـمْ

لي مـدّه وسْنيـنْ

نستنّــى فيكـــمْ

(...يتبع...)