14‏/02‏/2009

على اللّه : للفنّ ولـ"بلقاسم بـوقنّـة"



مـدخـل :
بعد موت عبد النّاصر،واحتدام موجة الكتابات الموجّهة ضدّ سياساته وضدّ شخصه أيضا ،قدّم حسنين هيكل كتابه "لمصر لا لعبد النّاصر"...هذا العنوان الشّهير دفع المفكّر القوميّ عصمت سيف الدّولة لنشر مقال عاب فيه على هيكل ألاّ يقول: لمصر ولعبد النّاصر لأنّ الدّفاع عن عبد النّاصربرأيه ليس ممّا يدعو للخجل...لذلك أنا أقول للفنّ ولبلقاسم بوقنّة.

وقاحة المـال : زمـن الإفـك
لا إشكال في الأمر على الإطلاق ،وخـذوه مسلّمًـا.
أغنيـة "علـى اللّـه" من كلمـات بلقـاسم بـوقنّـة وألحانـه...هـو شـاعـر مختـفٍ خلـف بسـاطتـه بتـواضع شـديد، وهو ملحّـن مختـفٍ خلف تعفّفـه بتـواضع أشـدّ.
أيصبـح هـذا مبـرّرا للسّطـو ؟
أيصبـح مبـرّرا للكـذب ؟
وفـي زمـن يكـدّس البعـض فيـه أمـوالا خـرافيّة مـن تـألّـق غيـره وجهـده...وهـي ظـاهـرة لـم أشهـدهـا فـي غيـر السّـاحة الفنّيّـة التّـونسيّة.
إنّـه المـال – الإفـك ! والصّـراع علـى "خـراج البـدو" كمـا حـدث علـى مـدى تـاريخ البـؤس ،ولا زال.
أيصبـح بلقـاسم تـراثـا ؟ وهـو هنـا حـيّ بيـن ظهـرانيهم ؟؟
مـا أسهـل أن يُلغَـى الإنسـان فـي مقـابل أيّ شـيء...
وقاحـة الفنّ : زمـن الصّفر
شهدت كـلّ ساحـات الغنـاء عـودة وعـي إلـى المـاضي كنفـق غيبـيّ لجـأت إليـه مقـابل الفشل في التّحـديث والتّجـاوز ، وشهـدت السّـاحة التّـونسيّة عـودة أشـدّ إيغـالاً وأشـدّ حمـاقة...فـالأزمـة ملتبسـة والخـروج منهـا يستـوجب تـوفّر مـواهب كبيـرة وفكـرًا أكبـر، وهـذا ممّـا لـم تقـدر علـى إنجـابه فكـان الإجهـاض ، وكـان البنـاء علـى الهـوامش تـأكيـدًا لـذات فنّيّـة سـاذجة ،أخـذت تنهـل مـن إنتاجـات مخجلـة ،لتـؤكّـد ـ غصبًـا ـ علـى أصـالتها...وأسفـر المشهـد عـن وجـوه مـن الغنـاء والمـوسيقى أمّيّـة بـأتمّ مـا في الكلمـة مـن معنـى...وجـوه كـانـت تقـتات مـن "فـائض مـال " المسحـوقين ورغبـاتهم ،في الأزقّـة والحـواري البـائسة حيـث الفـنّ هـو لامعنـى ،وحيث هـو رعشـات الجسـد النّسـويّ الـذي يحيـل علـى حـرمـان فـاضح من امتـلاكه...
ولـذلك تبـدو السّـرقـة المـوصوفة لأغنـية بلقاسم بـوقنّة إعـلانًـا مبـاشـرا لزمـن الـوقاحة ،واستمـرارا لأزمـة الخلـق ، ودعـاية للصّفـر.
وقـاحة المـؤسّسة : زمن التّصـامت
فإذا كان الأمر كـذلك ،والسّـرقة بـوضع اليـد موصـوفة وفي وضح النّهـار الغنـائيّ ،فمـن يصـرخ للقبـض علـى اللّـصّ؟
أم أنّ "لحـم بلقـاسم بوقنّة " المـوسيقيّ والشّعـريّ حلـوٌ سهـل الهضـم ؟
أيـن النّقـابة إيّـاها ؟
قـالـوا :
ـ فليشتـكِ "سـي بلقـاسم" !
وأقـول :
ـ أنـا أعـرف الـرّجل ! إنّـه يمتعـض ويشعـر بـالغثيـان لمجـرّد تنـاول المـوضـوع أصـلاً ،ولأكـون أكثـر فجـاجة :إنّ بعض الأسمـاء تصيبـه بحـزن عميـق أنّهـا تمتهـن الفـنّ...
ومـن يـرد كشـف مـا فـي عمـق هـذا الـرّجل مـن دفء وتعـالٍ وكبـريـاء ،فليفعـلْ ...ليعْـرف سـرّ صمتـه الجميـل !
محمّد الخامس ـ فيفري 2009