الجـزء 8
التّمازج بين الشّعر والحياة : الخمرة
ـ المستوى الثّالث : الخمرة كدافع للإبحار في اللّغة وتثوير الصّورة الشّعريّة.
تـدفع الخمرة في جانب كبير من حضورها مظفّر النّوّاب لـولوج أعماق قصيّة في اللّغة الشّعريّة ، وإلى استحضار صور غاية في الجمال ، وشخوص وذكريات...
يقـول في قصيدته "بحّار البحّارين" :
" يـا ابـن ذريـحٍ !
هـذي الحانة باردةٌ أوقـدْ صـوتَكَ
يـرحلْ بعـضُ الإثمِ من الحانةِ
يـا ابـن ذريحٍ !
هـاتِ لنـا نغمًـا
بعضَ المشتهيـاتِ من الصّـوتِ السّـابعِ !
قـلْ نغمًـا عصفـورًا
قـل نغمًـا سـرّةَ أنثـى
قـل نغمًـا طـرقةَ بـابِ مجهولٍ !"
وفي قصيد " ترنيمات استيقظت ذات صباح" يوغل الشّاعر بعيدا في لغته ، ويرتفع نسقها عاليا راسمة مشاهد مدهشة لم تعهدها اللّغة العربيّة كثيرا ، فيقول مخاطبا "العراق" المفقود وأطياف ماضيه البعيد :
" تقـرّبـتَ !
لا...لـم تقتـربْ
كُتِـب البعـدُ في قـافِ قـربكَ منّـي
وللقـافِ نَـرْدان أرميهما والمقاديـرُ تـرمي
ويخـرج عن دِينه النّـردُ ممّا لعبْنا وممّا خسرْنا
ولـم أنسحـبْ "
إنّ اللّغة لتـرقّ وتشفّ إلى حدّ يشعر القارئ بانسيابها وترقرقها ، فيسمع ما فيها من أصوات ، ويشمّ ما فيها من روائح :
" كم شرب الكوزُ خمرًا وجفّ
عامِلْه يا سيّدي أنّه جفّ بالخمرِ و...
آه من هذه الـواو تبـدي الذي خلفها
أطـردتْني وغلّقت البابَ خلفي
فلم ينغلـقْ غيرَ نصف انغلاقْ "
وحين يفضح الشّاعر واقعه واصفا إيّاه بالخراب والوحدة فإنّه يفضحه بشجاعة نادرة دون أن يعلّقه على مشجب الغير ، بل يعلن أنّه لو عاد مرّة أخرى للحياة فلن يختار سواه :
" أتلفّـتُ ألقـى حجـاريَ حولي
شظـايايَ ، أوراقَ شعري ، بقايايَ
حقّـا تهـدّمتُ !،،،
لكنّني في المكان الذي اخترتُ ،،،
(في الجزء القادم نبدأ تناول مظفّر شاعرًا بالعاميّة...)
تـدفع الخمرة في جانب كبير من حضورها مظفّر النّوّاب لـولوج أعماق قصيّة في اللّغة الشّعريّة ، وإلى استحضار صور غاية في الجمال ، وشخوص وذكريات...
يقـول في قصيدته "بحّار البحّارين" :
" يـا ابـن ذريـحٍ !
هـذي الحانة باردةٌ أوقـدْ صـوتَكَ
يـرحلْ بعـضُ الإثمِ من الحانةِ
يـا ابـن ذريحٍ !
هـاتِ لنـا نغمًـا
بعضَ المشتهيـاتِ من الصّـوتِ السّـابعِ !
قـلْ نغمًـا عصفـورًا
قـل نغمًـا سـرّةَ أنثـى
قـل نغمًـا طـرقةَ بـابِ مجهولٍ !"
وفي قصيد " ترنيمات استيقظت ذات صباح" يوغل الشّاعر بعيدا في لغته ، ويرتفع نسقها عاليا راسمة مشاهد مدهشة لم تعهدها اللّغة العربيّة كثيرا ، فيقول مخاطبا "العراق" المفقود وأطياف ماضيه البعيد :
" تقـرّبـتَ !
لا...لـم تقتـربْ
كُتِـب البعـدُ في قـافِ قـربكَ منّـي
وللقـافِ نَـرْدان أرميهما والمقاديـرُ تـرمي
ويخـرج عن دِينه النّـردُ ممّا لعبْنا وممّا خسرْنا
ولـم أنسحـبْ "
إنّ اللّغة لتـرقّ وتشفّ إلى حدّ يشعر القارئ بانسيابها وترقرقها ، فيسمع ما فيها من أصوات ، ويشمّ ما فيها من روائح :
" كم شرب الكوزُ خمرًا وجفّ
عامِلْه يا سيّدي أنّه جفّ بالخمرِ و...
آه من هذه الـواو تبـدي الذي خلفها
أطـردتْني وغلّقت البابَ خلفي
فلم ينغلـقْ غيرَ نصف انغلاقْ "
وحين يفضح الشّاعر واقعه واصفا إيّاه بالخراب والوحدة فإنّه يفضحه بشجاعة نادرة دون أن يعلّقه على مشجب الغير ، بل يعلن أنّه لو عاد مرّة أخرى للحياة فلن يختار سواه :
" أتلفّـتُ ألقـى حجـاريَ حولي
شظـايايَ ، أوراقَ شعري ، بقايايَ
حقّـا تهـدّمتُ !،،،
لكنّني في المكان الذي اخترتُ ،،،
(في الجزء القادم نبدأ تناول مظفّر شاعرًا بالعاميّة...)