سيّــدتي !
لقد أصبح الكلّ شبيه الكلّ...لكنّك استعصيت على أن يشبهك أحد أو يشبه صوتك صوت !
وفي زمن ـ جميل لا شكّ ـ طوّرت فيه الموسيقى العربيّة حالها ، ووظّبت فساتينها ،ووضعت على وجهها مكياجا ناعما (عدا بعض الاستثناءات التي بدأت تتكاثر مع الأسف)،،،في زمن أطلقت هذه الموسيقى نفسها من عقال التّمطيط السّاذج والمداخل الرّتيبة والمطوّلات الخانقة ،وأسلمت قدميها لإيقاعات عصر جديد...في هذا الزّمن السّريع اللاّهث ،مازالت أغانيك هدفا أمام الموسيقى العربيّة الحديثة وليس خلفها...
ما زالت موسيقى عاصي ومنصور ـ شعرا وتوليفا ـ منارا ينير درب الأغنية في الشّرق عموما ،ويوحي إليها بالوجهة الصّحيحة التي عليها أن تتّجهها...
سيّــدتي !
لم يتّفق العرب على شيء كما اتّفقوا على صوتك !
ولم تسع " الدّولة الدّيموقراطيّة " الحديثة اللّبنانيّين كما وسعتهم أغانيك...
أتذكرين سيّدتي أيّام الحرب الأهليّة المدمّـرة ؟
نحن نذكر ! وأنا أذكر... أنّك ظللت هناك آمنة وسط صراع مجنون مع الكلّ وعاقل جدّا معكِ...
أذكر كيف يتوقّف القتال على كلّ المحاور لتمـرّي من بيتك هنا إلى بيتك هناك...
أذكر صوتك ينطلق من كلّ الإذاعات بكلّ تناقضاتها الحادّة...
سيّــدتي !
كيف مررتِ من بين كلّ ذلك ؟
وكيف حُطّـم كلّ شيء في بيروت سواك ؟
كيف وحّدت كلّ ذلك الشّتات من عروبيّين وثوريّين وشيوعيّين ؟ موارنة وشيعة وسنّة ؟ كتّابا ودراويش وسماسرة وتجّار حروب ؟ كيـــف ؟