08‏/07‏/2008

فـاطمة بـوساحة (متابعـة)

مـدخـل 3 : قضيّـة ذوق...وقضيّـة الـذّوق

...فـإذا سلّمـوا لـك بـلا شعـريّـة مثـل تلـك "القصـائـد العصمـاء" قـالـوا لـك بـالـذّوق. وهـذه أيضـا – وبـالـذّات – مسـألـة ملتبسـة ومغلـوطـة .ولـن أزيـد علـى القـول فيهـا أنّ الـذّوق ليـس ثـابتـا نظـريّـا بـل هـو تـاريخـيّ يخضـع للمسـاءلـة الفكـريّـة بمعنـى أنّـه بنـاء يتـمّ تشكّلـه وتشكيلـه ضمـن صيـاغـات اقتصـاديّـة وسيـاسيّـة.

لـذلـك يمكـن الحـديـث عـن ذوائـق (أو ذائقـات) تحكـم رؤيـة الشّعـب التّـونسـيّ للمـوسيقـى والغنـاء بعضهـا متنـاغـم متجـانـس وبعضهـا الآخـر متنـاقـض متضـادّ.

فـالخلفيّـة التّـاريخيّـة لـذوق التّـونسيّيـن عـامّـة فـي الغنـاء والفـنّ هـي خلفيّـة مشـرقيّـة بـامتيـاز...بـل هـي كـذلـك حتّـى عنـد المـوسيقيّيـن الأوائـل مـن ملحّنيـن ومطـربيـن .وضمـن هـذه الخلقيّـة التـي تمتـدّ إلـى يـومنـا هـذا تـدخّلـت السّيـاسـة – ربّمـا لمـرّات عـديـدة فـي التّـاريـخ – لتـرفـع شعـار " الفـنّ التّـونسـيّ" فـي إطـار محـاولـة لتفعيـل مقـولـة " الأمّـة التّـونسيّـة" الشّهيـرة.

حيتهـا ,وحينهـا فقـط ,زاغ البصـر وفضـح السّـرّ ليجـد إصحـاب المهنـة (وكـانـوا قـد أصبحـوا كـذلـك) أنفسهـم أمـام بحـث فـي الهـويّـة المـوسيقيّـة نـأى عـن التّجـديـد والخلـق بنـاء علـى الخلفيّـة التـي ذكـرنـاهـا لبحفـر عبثـا فـي مـا تخيّلـه ذاتيّـا مـن "طبـوع" و"لـونقـات" , وليـؤسّـس علـى أيّ شـيء مخـالـف للمـوسيقـى المشـرقيّـة...وكـان ذلـك سبـب مقتلـه.

وكبـرت الحملـة دون أن تـدرك تهـافتهـا ,ودون أن تـلاحظ مـدى الخـراب الـذي وقفـت عليـه .فـالقتـل لا يـِؤسّـس لفـنّ متجـدّد ,والفـنّ تـراكـم لا قطيعـة.

لـدلـك انـزاح الصّـراع مـن أجـل "الهـويّـة الفنيّـة" علـى "مـوت فنّـيّ جمـاعـيّ" وعلـى مـولـود – مسخ تجسّـدت بعـض صـوره فـي أنّ الإنتـاج التّـونسـيّ فـي المـوسيقـى لا يتجـاوز "المـزود" والإيقـاع...ولا يتجـاوز السّـت فـاطمـة بـوسـاحة...

خــاتمـة :

طيّـب ؟ مـا العمـل ؟

هـذا سـؤال لا يطـرح إطـلاقـا علـى "مـوظّفـي المـوسيقـى" بـل يلقـى جهـرا علـى السّيـاسـيّ !

ليست هناك تعليقات: